للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكرت طائفةٌ أن يكون في اللغة مجازٌ بالكلية، كأبي إسحاق الاسفراييني وغيره، وقوله له غورٌ لم يفهمه كثيرٌ من المتأخرين، وظنوا أن النزاع لفظيٌ، وسنذكر أن مذهبه أسد وأصح عقلًا ولغةً من مذهب أصحاب المجاز، وطائفةٌ أخرى غلت في ذلك الجانب وادَّعت أن أكثر اللغة مجازٌ، بل كلها، وهؤلاء أقبح قولًا وأبعد عن الصواب من قول من نفى المجاز بالكلية، بل من نفاه أسعد بالصواب (١).

قال ابن تيمية «وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مُبْتَدَع مُحْدَث لم ينطق به السلف» (٢).

قال ابن القيم: إذا علم أن تقسيم الألفاظ إلى حقيقةٍ ومجازٍ ليس تقسيمًا شرعيًّا ولا عقليًّا ولا لغويًّا فهو اصطلاحٌ محضٌ، وهو اصطلاحٌ حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة بالنص، وكان منشؤه من جهة المعتزلة والجهمية ومن سلك طريقهم من المتكلمين (٣).

والقول بالمجاز فى القرآن من الخطورة بمكان حيث إن أهل المجاز بإجماعهم يقولون: إن كل مجاز يجوز نفيه كقولك رأيت أسدًا وتقصد رجلًا شجاعًا فيجوز أن تقول ما رأيت أسدًا، ولكن رجل شجاع، وهذا


(١) الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ٢٨٥).
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية (٧/ ١١٣).
(٣) الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>