تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)﴾ [البينة: ٤]، وقال: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: ١٠٥]، فمن خالف نص كتاب لا يحتمل التأويل، أو سنة قائمة، فلا يحل له الخلاف، ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس وإن لم يكن في قولهم كتاب أو سنة، ومن خالف في أمر له فيه الاجتهاد، فذهب إلى معنى يحتمل ما ذهب إليه ويكون عليه دلائل لم يكن في ضيق من خلاف لغيره (١).
قال الشاطبي - وهو يتحدث عن الاجتهاد ويحذر من زلة العالم-: فإنه ربما خفي على العالم بعض السنة، أو بعض المقاصد العامة في خصوص مسألته، فيفضي ذلك إلى أن يصير قوله شرعًا يتقلد، وقولًا يعتبر في مسائل الخلاف، فربما رجع عنه وتبين له الحق، فيفوته تدارك ما سار في البلاد عنه، ويضل عنه تلافيه، فمن هنا قالوا: زلة العالم مضروب بها الطبل.
ثم نبه الشاطبي على أمور، منها:
١ - أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليدًا له؛ وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عُدَّت زلة.
(١) الأم للشافعي (٩/ ٧٩) دار الوفاء ت: د. فوزي رفعت عبد المطلب.