٢ - أنه لا يصح اعتمادها خلافًا في المسائل الشرعية؛ لأنها لم تصدر في الحقيقة عن اجتهاده، ولا هي من مسائل الاجتهاد، وإن حصل من صاحبها اجتهاد، فهو لم يصادف فيها محلًّا، فصارت في نسبتها إلى الشرع كأقوال غير المجتهد، وإنما يعد في الخلاف الأقوال الصادرة عن أدلة معتبرة في الشريعة، كانت مما يقوى أو يضعف، وأما إذا صدرت عن مجرد خفاء الدليل، أو عدم مصادفته فلا، فلذلك قيل: إنه لا يصح أن يعتد بها في الخلاف، كما لم يعتد السلف الصالح بالخلاف في مسألة ربا الفضل، والمتعة، ومحاشي النساء، وأشباهها من المسائل التي خفيت فيها الأدلة على من خالف فيها.
فإن قيل: فبماذا يعرف من الأقوال ما هو كذلك مما ليس كذلك؟
فالجواب: إنه من وظائف المجتهدين، فهم العارفون بما وافق أو خالف، وأما غيرهم، فلا تمييز لهم في هذا المقام، ويعضد هذا أن المخالفة للأدلة الشرعية على مراتب، فمن الأقوال ما يكون خلافًا لدليل قطعي من نص متواتر، أو إجماع قطعي في حكم كلي، ومنها ما يكون خلافًا لدليل ظني، والأدلة الظنية متفاوتة، كأخبار الآحاد، والقياس الجزئية، فأما المخالف للقطعي؛ فلا إشكال في اطراحه، ولكن العلماء ربما ذكروه للتنبيه عليه، وعلى ما فيه، لا للاعتداد به، وأما المخالف للظني، ففيه الاجتهاد بناء على التوازن بينه وبين ما اعتمده