قال ابن دقيق العيد: الحديث دليل على أنَّ المحرم إذا مات يبقى في حقه حكم الإحرام، وهو مذهب الشافعي، وخالف في ذلك مالك، وأبو حنيفة، وهو مقتضى القياس لانقطاع العبادة بزوال محل التكليف، وهو الحياة، لكن اتبع الشافعي الحديث، وهو مقدم على القياس.
وغاية ما اعتذر به عن الحديث ما قيل: إنَّ رسول الله ﷺ علل هذا الحكم في هذا المحرم بعلة لا يعلم وجودها في غيره، وهو أنه يبعث يوم القيامة ملبيًا، وهذا الأمر لا يعلم وجوده في غير هذا المحرم لغير النبي ﷺ، والحكم إنما يعم في غير محل النص بعموم علته -قلت: وهذه العلة لا يعلم عمومها في قولهم - وغير هؤلاء يرى أنَّ هذه العلة إنما تثبت لأجل الإحرام فيعم كل محرم (١).
فالذين قصروا هذا الحكم على هذا المحرم بعينه قالوا: لأن حكمه عُدل به القياس الذي هو انقطاع التكليف بالموت، فلا يقاس عليه لأنه علل الحكم ببعثه ملبيًا.
قال ابن حجر: وأورد بعضهم أنه لو كان إحرامه باقيًا لوجب أن يكمل به المناسك، ولا قائل به.
وأجيب: بأن ذلك ورد على خلاف الأصل، فيقتصر به على مورد
(١) الإحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (٣/ ٢١٤).