والذين منعوا قالوا: لاحتمال أن يكون ذلك الأثر خاصًّا بذلك الرجل، وأيضًا هو خلاف الأصول في قوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾ [النساء: ٤]، وقوله: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ﴾ [النساء: ٢٤]، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأصحابهما، والليث، وأنَّ الفروج لا تستباح إلا بالأموال.
القسم الثاني: ما استثني من قاعدة عامة، ويتطرق إلى استثنائه معنى، فهذا يقاس عليه كل مسألة دارت بين المستثنى والمستبقى، وشاركت المستثنى في علة الاستثناء.
ومثاله: استثناء العرايا (١)، فإنه لم يرد ناسخًا لقاعدة الربا، ولا هادمًا لها، لكن استثنى للحاجة، فنقيس العنب على الرطب، لأنَّا نراه في معناه.
وكذلك إيجاب صاعٍ من تمر في لبن المصراة لم يردها لبنًا
لضمان المثليات بالمثل، لكن لما اختلط اللبن الحادث بالكائن في الفرع عند البيع، ولا سبيل إلى التمييز، ولا إلى معرفة القدر، وكان متعلقًا بمطعوم يقرِّب الأمر فيه، خلَّص الشارع المتبايعين من ورطة الجهل بالتقدير بصاع من تمر.
فلا جرم أن نقول: لو رد المصراة بعيب آخر لا بعيب التصرية،
(١) أخرجه البخاري (٢١٧٣، ٢١٨٨)، ومسلم (١٥٣٩) من حديث زيد بن ثابت.