للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصله، وأصل الشيء لا يقصر عنه؛ ولأنها نفس المصلحة والمفسدة وحاجات الخلق، وهذا هو سبب ورود الشرائع، فالاعتماد عليها أولى من الاعتماد على الفرع (١).

ورُدَّ ذلك بأن الحكمة وإن كانت هي أصل العلة، إلا أنَّ الحكمة هنا غير مضبوطة، فأقيم مقامها وصفًا ظاهرًا منضبطًا ليصح الإلحاق بالأصل.

فإزالة المشقة مثلًا أو تخفيفها حكمة تشريع القصر في السفر والفطر، ولكن العلة هي السفر، ولو عللنا هذه الأحكام بمطلق لاختلفت الأنظار في تحديد المشقة من السفر، أو الأعمال الشاقة، أو الحاجة للنوم، أو ترك عمل هام فضبط الشارع ذلك بإقامة العلة مقامها وهي السفر.

القول الثاني: أنه لا يجوز ربط الحكم بها مطلقًا -أي وإن كانت ظاهرة منضبطة-، ورجحه القرافي في (شرح تنقيح الفصول) وقال: حجة المنع أنه لو جاز التعليل بالحكمة لما جاز التعليل بالوصف؛ لأن الأصل لا يعدل عنه إلا عند تعذره، والحكمة ليست متعذرة، فلا يجوز العدول عنها فيعلل بها، ومتى علل بها سقط التعليل بالوصف.


(١) شرح تنقيح الفصول للقرافي (٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>