وحكمته: أنَّ جزء المرأة صار جزءًا للرضيع؛ لأن لبنها جزؤها وقد صار لحمًا للجنين، فأشبه منها الذي صار جزءًا للجنين فكما أنَّ ولد الصلب حرام، فكذلك ولد الرضاع، وهو سر قوله ﷺ:«الرضاع لحمة كلحمة النسب»(١)(لم يرد بهذا اللفظ وإنما الوارد «الولاء لحمة كلحمة النسب»).
فإذا كانت هذه هي الحكمة، فلو أكل جنين قطعة لحم امرأة. (قلت: أو نقل إليه دم من دمها)، فقد صار جزؤها جزأه، فكان يلزم التحريم، ولم يقل به أحد، وكذلك إذا كانت الحكمة في وصف الزنا اختلاط الأنساب، فإذا أخذ رجل صبيانًا صغارًا وفرقهم إلى حيث لم يرهم آباؤهم حتى صاروا رجالًا ولم يعرفهم آباؤهم، فاختلطت أنسابهم حينئذ، فينبغي أن يجب عليه حد الزنا لوجود حكمة وصف الزنا، لكنه خلاف الإجماع، فعلمنا أنه لو جاز التعليل بالحكمة للزم النقض، وهو خلاف الأصل فلا يجوز التعليل بالحكمة وهو
(١) أخرجه الشافعي (١٢٣٢)، وابن حبان (٤٩٢٩)، والحاكم (٤/ ٢٣١)، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٢٩٢)، وقال: قد روى من أوجه أخر كلها ضعيفة، والثابت في الرضاع قوله ﷺ: (إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة) إشارة إلى الجزئية. ينظر فتح الباري (١٢/ ٤٤).