وحجة الأولين: أنَّ إفساد الصوم جناية على العبادة، فناسب وجوب الكفارة زجرًا وردعًا، والجماع آلة للإفساد وسبب له، فيلحق به الأكل والشرب.
وقرر بعض المالكية ذلك بأنَّ الكفارة إذا وجبت بالجماع، كان وجوبها بالأكل والشرب أولى؛ لأنهما مادة الجماع وسببه المقوي عليه، ووسيلته المتوصل بها إليه؛ إذ الجائع لا يستطيعه، والشبعان ينشط له، فكان إيجاب الكفارة بالأكل والشرب من باب سد الذرائع، وحسم مواد الفساد (قلت: هذا ليس مطردًا، بل شهوة الجماع والشبق إليه قد تكون عند الجائع والصائم كما في هذه القصة، وقصة سلمة بن صخر مشهورة)(١).
وحجة الآخرين: أنَّ الجماع اختص بما يناسب اختصاصه بالكفارة من جهة أنَّ النفس لا تنزجر عنه عند هيجان شهوته بمجرد الوازع الديني، فاحتيج فيه إلى زيادة في الوازع، وهي الكفارة، بخلاف الأكل والشرب في ذلك؛ فقد ثبت بذلك مناسبة خصوص الجماع لاختصاصه بوجوب الكفارة، فإلغاء هذه المناسبة لا يجوز.
(١) صحيح لغيره: أخرجه أحمد (١٦٤٢١) وأصله في الصحيحين دون تسمية الرجل. البخاري (١٩٣٥)، ومسلم (١١١٢).