للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يقوي هذا: أنَّ أوصاف العلل في القياس المعقول كالأخبار في النص المنقول، ثم إنه إذا اجتمع خبران عامٌّ وخاصٌّ قدم الخاص، فكذلك إذا اجتمع معنا وصفان عامٌّ وخاصٌّ؛ وجب أن يقدم الوصف الخاص، وهو الجماع ههنا، وأيضًا فإنَّ اعتبار خصوص الجماع موافق للأصل؛ إذ الأصل أنَّ ما رتب عليه الحكم يكون بمجموعه علة، فإلغاء بعض الأوصاف على خلاف الأصل (قلت: والأوصاف هنا: الجماع في نهار رمضان من مكلف بالصوم) (١).

وتنقيح المناط هذا قال به أكثر منكري القياس، حتى إنَّ أبا حنيفة -رحمه الله تعالى-- ينكر القياس في الكفارات، قد استعمل تنقيح المناط فيها، وسماه استدلالًا، وأما الممتنع عنده فيها تحقيق المناط وتخريجه.

ومثاله عند أبي حنيفة ومحمد بن الحسن: جواز إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات، والنذور، وغير ذلك إلا الزكاة.

قال الكاساني في الاحتجاج لهما: ولهما عموم قوله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٨٩] من غير فصل بين المؤمن والكافر إلا أنه خص منه الحربي بما تلونا، أي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [الممتحنة: ٩]، فيبقى الذمي


(١) شرح مختصر الروضة للطوفي بتصرف (٣/ ٢٣٧ - ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>