أولًا: التقسيم: حصر أوصاف المحل في ثلاثة، وهي: أنَّ قول العاص بن وائل السهمي أنه يؤتى يوم القيامة مالًا وولدًا لا يخلو مستنده فيه من واحد من ثلاثة أشياء:
الأول: أن يكون اطلع الغيب، وعلم أنَّ الله كتب له في اللوح المحفوظ مالًا وولدًا يوم القيامة.
الثاني: أن يكون الله تعال أعطاه عهدًا بذلك، فإنه إن أعطاه عهدًا لن يخلفه.
الثالث: أن يكون قال ذلك افتراءً على الله من غير عهد ولا اطلاع غيب.
ثانيًا: السبر: وهو اختبار تلك الأوصاف، وإبطال ما هو باطل وإبقاء ما هو صحيح. فنقول: قد ذكر الله تعالى القسمين الأولين في قوله تعالى: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨)﴾ [مريم: ٧٨] مبطلًا لهما بأداة الإنكار (كلا)، ولا شك أنَّ كلا هذين القسمين باطل؛ لأن العاص المذكور لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدًا، فتعين القسم الثالث، وهو أنه قال ذلك افتراءً على الله، وقد أشار الله تعالى إلى هذا القسم الذي هو الواقع بحرف الزجر والردع وهو قوله (كلا)، أي: لأنه يلزمه، ليس الأمر كذلك، لم يطلع الغيب، ولم يتخذ عند الرحمن عهدًا، بل قال ذلك افتراء على الله؛ لأنه لو كان أحدهما حاصلًا لم