الأول: وهو المتناهي في الجلاء، وهو ما عرف من ظاهر النص بغير استدلال، ولا يرد الشرع بخلافه في الفرع.
وهو: أن يكون المسكوت عليه أولى بالحكم من المنطوق به مع القطع بنفي الفارق، وذلك كقوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾ [الإسراء: ٢٣]، فلا يشك عاقل في أنَّ النهي عن التأفيف المنطوق به يدل على النهي عن الضرب والشتم المسكوت عنه.
وكقوله تعالى: ﴿مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣)﴾ [فاطر: ١٣]، فلا يعقل أن ينفى ملكهم للقطمير، ثم يثبت ملكهم لما فوق ذلك.
وكقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥]، فلا يعقل أن يؤتمن الأول على القنطار، ثم يتهم بالخيانة في دينار، والعكس في الثاني.
وكقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨]، فلا يعقل أن يوفوا ثواب الذرة، ويُحرموا ما فوق ذلك.
قال الزركشي: وقال بعض مشايخنا: لا يُسمى هذا قياسًا.
قلت (الزركشي): لأن العرب وضعت هذه اللفظة للتنبيه على ما