للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاني تُعْوِز في الأصول، فكيف يسهل وجودها في الفروع؟ فلم يكن بد من استعمال قياس، لكن مع الحيد عن طريقة الطرد؛ لأنه لا يفيد ظنًّا أصلًا، فجعلنا غلبة الأشباه، والقياس المنصوب من هذه الجهة مع وجود ما يُقَرِّب في الظن إلحاق الفرع بذلك الأصل، وجَعله في مسلكه، وضمّه إلى مسلكه حجة (١).

٧ - قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات: ٢٣].

قال ابن الحنبلي: فصل: وقد تذكر صورة القياس، وليس بقياس دلالةٍ، كقوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات: ٢٣]، فالحكم المقيس عليه أمرٌ وجودي، وهو النطقُ، والذي وعدهم به هو الحياة بعد الموت، والبعث بعد الدفن، وهو أمرٌ معدومٌ، وليس بينه وبين النطق مناسبةٌ، ومجرد وجود حقيقةِ شيءٍ لا يدلُّ على وجود حقيقةٍ أخرى، فعند ذلك يعلم أنه ما أراد إلا تحقيق الوعد بإيجاد على وجهٍ لا يشكُّ فيه كوجود النطق، كقول النبي : «إنكمُ سترونَ ربَّكم كما ترونَ هذا القمرَ لا تضامونَ في رؤيتِهِ» (٢)، ومعلومٌ أنه ما أراد


(١) قواطع الأدلة (٣/ ٩٩٥) بتصرف.
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣) من حديث جرير بن عبد الله البجلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>