ولبيان وجه قول الحنفية قال: ولنا أيضًا الاستدلال بالمواقعة، والقياس عليها، أما الاستدلال بها، فهو أنَّ الكفارة في المواقعة وجبت لكونها إفسادًا لصوم رمضان من غير عذر، ولا سفر على ما نطق به الحديث، والأكل والشرب إفساد لصوم رمضان متعمدًا من غير عذر ولا سفر، فكان إيجاب الكفارة هناك إيجابًا ههنا دلالة.
والدليل على أنَّ الوجوب في المواقعة لما ذكرنا وجهان: أحدهما مجمل، والآخر مفسر.
أما المجمل: فالاستدلال بحديث الأعرابي (١).
وأما المفسر: فلأنَّ إفساد صوم رمضان ذنب، ورفع الذنب واجب عقلًا، وشرًعا لكونه قبيحًا، والكفارة تصلح رافعة له؛ لأنها حسنة، وقد جاء الشرع بكون الحسنات من التوبة والإيمان، والأعمال الصالحات رافعة للسيئات، إلا أنَّ الذنوب مختلفة المقادير، وكذا الروافع لها لا يعلم مقاديرها إلا الشارع للأحكام، وهو الله تعالى فمتى ورد الشرع في ذنب خاص بإيجاب رافع خاص، ووجد مثل ذلك الذنب في موضع آخر كان ذلك إيجابًا لذلك الرافع فيه، ويكون الحكم فيه ثابتًا بالنص لا بالتعليل والقياس، والله أعلم.
(١) أخرجه البخاري (١٩٣٦)، ومسلم (١١١١) من حديث أبي هريرة.