للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه القياس على المواقعة: هو أنَّ الكفارة هناك وجبت للزجر عن إفساد صوم رمضان صيانة له في الوقت الشريف؛ لأنها تصلح زاجرة، والحاجة مست إلى الزاجر، أما الصلاحية فلأنَّ من تأمل أنه لو أفطر يومًا من رمضان لزمه إعتاق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا لامتنع منه، وأما الحاجة إلى الزجر، فلوجود الداعي الطبعي إلى الأكل والشرب؛ لأن الجوع والعطش يقلل الشهوة، فكانت الحاجة إلى الزجر عن الأكل والشرب أكثر، فكان شرع الزاجر هناك شرعًا ههنا من طريق الأولى.

وعلى هذه الطريقة يمنع عدم جواز إيجاب الكفارة بالقياس؛ لأن الدلائل المقتضية لكون القياس حجة لا يفصل بين الكفارة وغيرها (١).

وإنما أطلت في هذا النقل ليتبين لك قرب المذهبين مَنْ أجاز في الكفارات، ومن لم يجزه، وأنَّ الاختلاف في: هل يفهم من الكفارة معنى يصلح للتعدية أم لا؟

وليتبين أيضًا ما ذكرناه قبل ذلك أنَّ اختلاف التأصيل عن التفريع في المذهب الواحد إنما هو لعلة عنده، كما في هذه المسألة، والله أعلم.

ولذلك قال الطوفي: فكأن النزاع صار في مسألة أخرى، وهو جواز


(١) بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٦١٧ - ٦١٩) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>