للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَرَسُولُهُ﴾ [المنافقون: ١] تصحيحًا لظاهر القول، وقال: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)[المنافقون: ١] إبطالًا لما قصروا فيه.

وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾ [يس: ٤٧]، فهذا منه امتناع عن الإنفاق بحجة قصدهم فيها الاستهزاء، فرد عليهم بقوله: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٤٧)[يس: ٤٧]-على أحد وجهي التفسير-؛ لأن ذلك حيد عن امتثال الأمر، وجواب أنفقوا أن يقال: نعم أو لا. وهو الامتثال أو العصيان فلما رجعوا إلى الاحتجاج على الامتناع بالمشيئة المطلقة التي لا تعارض انقلب عليهم من حيث لم يعرفوا؛ إذ حاصله أنهم اعترضوا على المشيئة المطلقة بالمشيئة المطلقة؛ لأن الله شاء أن يكلفهم الإنفاق، فكأنهم قالوا: كيف يشاء الطلب منا، ولو شاء أن يطعمهم لأطعمهم؟ وهذا عين الضلال في نفس الحجة.

وقال تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩].

فقوله: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ [الأنبياء: ٧٩] تقرير لإصابته في ذلك الحكم، وإيماء إلى خلاف ذلك في داود ، لكن لما

<<  <  ج: ص:  >  >>