ولهذا يذكر مثل ذلك من كتب سيرته كما يذكر فيها نسبه وأقاربه، وغير ذلك بما يعلم أحواله، وكتب الحديث هي ما كان بعد النبوة أخص، وإن كان فيها أمور جرت قبل النبوة، فإن تلك لا تذكر لتؤخذ، وتشرع فعله قبل النبوة، بل قد أجمع المسلمون على أن الذي فرض على عباده الإيمان به، والعمل هو ما جاء به بعد النبوة.
ولهذا كان عندهم من ترك الجمعة والجماعة، وتخلى في الغيران، والجبال حيث لا جمعة، ولا جماعة، وزعم أنه يقتدي بالنبي ﷺ لكونه كان متحنثًا في غار حراء قبل النبوة في ترك ما شرع له من العبادات الشرعية التي أمر الله بها رسوله، واقتدى بما كان يفعل قبل النبوة كان مخطئًا، فإن النبي ﷺ بعد أن أكرمه الله بالنبوة لم يكن يفعل ما فعله قبل ذلك من التحنث في غار حراء، أو نحو ذلك (١).
لكن النبي ﷺ كان مصونًا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها، بل تميز بمكارم الأخلاق قبل البعثة وبعدها، كما قالت خديجة ﵂: كلا والله، لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
وقال الإمام البخاري في صحيحه: باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها، ولم يذكر فيه إلا حديث جابر بن عبد الله: أن رسول الله ﷺ كان ينقل معهم الحجارة للكعبة، وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: يا