وفرق الماوردي في كتابه «الحاوي» بين أن يكون فيما يفوت استدراكه كإراقة دم، أو استحلال فروج، فيكون إجماعًا؛ لأنهم لو اعتقدوا خلافه لأنكروه، إذ لا يصح منهم أن يتفقوا على ترك إنكار المنكر، وبين أن يكون مما لا يفوت استدراكه، فيكون حجة؛ لأن الحق لا يخرج عنهم، وفي كونه إجماعًا يمنع الاجتهاد وجهان سواء كان القول حكمًا أو فتيا.
وقد سبق الكلام على مسألة الإجماع السكوتي في باب الإجماع.
القسم الثالث: قول الصحابي إذا لم يشتهر، ولم يخالفه غيره:
أن يقول الصحابي قولًا أو يحكم بحكم، ولم يثبت فيه اشتهار، ولا يؤثر عن غيره من الصحابة مخالفة في ذلك.
وهذه الصورة هي أكثر ما يوجد عنهم، وهي محل النزاع هنا، وللعلماء فيها أقوال متعددة والذي يتحصل من مذاهبهم:
الأول: أنه حجة مطلقًا، وهو مذهب مالك، وجمهور أصحابه، وسفيان الثوري، وجمهور أهل الحديث، وكثير من الحنفية كأبي يوسف، وأبي سعيد البرذعي، وأبي بكر الرازي، والشافعي في قوله
(١) إجمال الإصابة في أقوال الصحابة للعلائي (١/ ٢٤).