للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: الوجه الثالث والأربعون: أن الصحابي إذا قال قولًا، أو حكم بحكم، أو أفتى بفتيا، فله مدارك ينفرد بها عنا، ومدارك نشاركه فيها، فأما ما يختص به؛ فيجوز أن يكون سمعه من النبي شفاهًا، أو من صحابي آخر عن رسول الله ، فإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يحاط به، فلم يرو كل منهم كل ما سمع، وأين ما سمعه الصديق ، والفاروق، وغيرهما من كبار الصحابة إلى ما رووه؟ فلم يرو عنه صديق الأمة مائة حديث، وهو لم يغب عن النبي في شيء من مشاهده، بل صحبه من حين بعث إلى أن توفي، وكان أعلم الأمة به بقوله، وفعله، وهديه، وسيرته، وكذلك أجلة الصحابة، لكنهم كانوا يهابون الرواية عن رسول الله ، ويعظمونها، ويقللونها خوف الزيادة والنقص، ويحدثون بالشيء الذي سمعوه من النبي مرارًا، ولا يصرحون بالسماع، ولا يقولون: قال رسول الله (١).

٧ - قال العلائي: وهو المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم، والفتيا به من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضًا، ومن أمعن النظر في كتب الآثار وجد التابعين لا يختلفون في الرجوع إلى أقوال الصحابي فيما


(١) إعلام الموقعين لابن القيم (٥/ ١٨، ١٩) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>