للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعيب عليه السلام: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود/٥٦]، فهو على صراط مستقيم في شَرْعه وقَدَره، وهو العدل الذي به ظهر الخلق والأمر، والثواب والعقاب (١). وهو الحق الذي به وله خُلقت السمواتُ والأرضُ وما بينهما، ولهذا قال المؤمنون في دعائهم (٢): {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} [آل عمران/١٩١]، فنزَّهوا ربَّهم سبحانه أن يكونَ خلق السموات والأرض عبثًا لغير حكمةٍ، ولا غايةٍ محمودة، وهو سبحانه يُحْمَد لهذه الغايات المحمودة، كما يُحْمَد لذاتِه وأوصافه، فالغايات المحمودة في أفعاله هي الحكمة التي يُحبُّها ويرضاها.

وخَلَق ما يكره لاستلزامه ما يحبُّه، وتَرَتُّبِ المحبوب له عليه، وكذلك (٣) يترك سبحانه فعل بعض ما يحبّه؛ لما يترتب عليه من فوات محبوبٍ له أعظم منه، أو حصولِ مكروهٍ أكرهَ إليه من ذلك المحبوب. وهذا كما ثبَّط قلوب أعدائه عن الإيمان به وطاعته؛ لأنه يكره طاعاتهم، ويُفَوِّت بها ما هو أحبُّ إليه منها من جهادهم، وما يترتب عليه من المُوَالاة فيه والمعاداة فيه، وبذلِ أوليائه نفوسَهم فيه، وإيثار محبته ورضاه على


(١) «والعقاب» ساقطة من ت.
(٢) ش: «عبادتهم».
(٣) ش: «لذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>