للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكونية القدرية صاروا مع الكفَّار المسلَّطين بالقَدَر، وهم خُفراؤُهم، فهؤلاء أيضًا كفَّار.

وفرقةٌ وقفت مع القَدَر مع اعترافها بأنَّه خلافُ الأمر، ولم تَدِنْ به، ولكنَّها [٢٤ ب] استرسلت معه، ولم تُحَكِّم عليه الأمر، وعَجَزت عن دفع القدر بالقدر اتّباعًا للأمر، فهؤلاء مفرِّطون، وهم بين عاجزٍ وعاصٍ لله.

وهؤلاء الفِرَقُ كلُّهم مُؤْتَمُّون بشيخهم إبليس، فإنه أوّلُ من قدَّم القدر على الأمر وعارضَه به، وقال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر/٣٩]. و (١) {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف/١٦]، فردّ أمر الله بقدره، واحتجَّ على ربه بالقدر.

وانقسم أتباعهُ أربعَ فِرَق كما رأيت، فإبليس وجنوده أرسلوا بالقدر إرسالًا كونيًّا. فالقَدَرُ دينُهم، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم/٨٣]، فدِينُهم القدر، ومصيرُهم سقر.

فبعثَ الله الرسلَ بالأمر، وأمرهم أن يُحاربوا به أهلَ القدر، وشرَعَ لهم من أمره سُفُنًا، وأمرهم أن يركبوا فيها هم وأتباعُهم في بحر القدر، وخصَّ بالنجاةِ من ركبها، كما خَصَّ بالنجاة أصحاب السفينة، وجعل ذلك آيةً للعالمين.


(١) «ربّ ... و» ساقطة من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>