للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويا قلبُ قدْ أرداكَ طَرْفيَ مرَّةً ... فوَيحَك لِمْ طاوَعْتَه مرَّةً أُخرى؟!

ولي من أبياتٍ لعلَّ معناها مبتكَر:

ألم أقُل لك لا تَسْرقْ ملاحظةً ... فسارقُ اللَّحْظِ لا ينجُو مِن الدَّرَكِ

نصبتُ طَرْفي له لمَّا بدا شركًا ... فكانَ قَلْبِي أوْلى منه بالشَّرك

الفائدة الثانية: أنه يُورِثُ القلبَ نورًا وإشراقًا يظهر في العين، وفي الوجه والجوارح، كما أنَّ إطلاقَ البصر يُورثه ظلمةً تظهر في وجهه وجوارِحه. ولهذا ـ والله أعلم ـ ذكر الله سبحانه أنه (١) النُّور في قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور/٣٥] عقيب قوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور/٣٠] وجاءَ الحديثُ مطابقًا لهذا، حتى كأنَّه مشتقٌّ منه، وهو قوله: «النَّظرة سهمٌ مسمومٌ من سهام إبليس، فمن غضَّ بصره عن محاسن امرأةٍ أورثَ الله قَلْبَه نُورًا» (٢) الحديث.

الفائدة الثالثة: أنَّه يُورث صحَّةَ الفِراسة [٣٩ ب]، فإنَّها من النُّور وثمَرَاته، وإذا استنارَ القلبُ صحَّتِ الفِراسةُ، لأنَّه يصيرُ بمنزلة المِرْآة التي تظهرُ فيها المعلوماتُ كما هي، والنظرُ بمنزلة التنفُّس فيها، فإذا أطلق العبدُ نظرَه؛ تنَفَّسَتْ نفسُه الصُّعَداء في مِرْآة قلبه، فطَمَسَتْ نورَها، كما قيل:


(١) ش: «آية».
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>