للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هواه يفْرَقُ الشَّيطان من ظلِّه، ولهذا يُوجد في المتَّبع لهواه مِنْ ذلِّ القلب وضعفِه، ومهانةِ النَّفس وحقارتِها، ما جعله (١) الله لمن آثر هواه على رضاه.

قال الحسن: إنَّهم وإن هَمْلَجَتْ بهم البغالُ، وطَقْطَقَتْ بهم البراذين؛ إنَّ ذلَّ المعصية لفي قلوبهم، أبى الله إلا أن يُذِلَّ مَنْ عصاه.

وقال بعض الشيوخ: الناسُ يطلبون العزَّ بأبواب (٢) الملوك، ولا يجدونَه إلا في طاعة الله، ومَنْ أطاع الله؛ فقد والاه فيما أطاعه فيه، ومن عصاه [٤٠ أ] فقد عاداه فيما عَصاه فيه، وفيه قِسْطٌ ونصيبٌ من فعل من عاداه بمعاصيه، وفي دعاء القنوت: «إنه لا يَذِلُّ مَنْ واليتَ، ولا يَعِزُّ من عادَيْت» (٣).

الفائدة السادسة: أنَّه يُورث القلبَ سرورًا، وفرحةً، وانشراحًا أعظمَ من اللذَّة والسُّرور الحاصل بالنظر، وذلك لقهره عدوَّه بمخالفته، ومخالفة نفسه وهواه، وأيضًا فإنَّه لما كفَّ لذَّتَه، وحبسَ شهوتَه لله، وفيها مسرّةُ نفسه الأمَّارة؛ أعاضَه الله سبحانه مسرَّةً، ولذَّةً أكمل منها، كما قال بعضهم: والله لَلَذَّةُ العفَّة أعظمُ من لذَّة الذنب! ولا ريبَ أنَّ النفسَ إذا


(١) ش: «جعله».
(٢) ت: «في أبواب».
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٢٠٠)، وأبو داود (١٤٢٥)، والترمذي (٤٦٤)، والنسائي (٣/ ٢٤٨)، وابن ماجه (١١٧٨) من حديث الحسن بن علي. وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>