للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر/٥٥] والنَّظر الذي أمَرَنا سبحانه به النظر (١) المُؤَدِّي إلى معرفته، والإيمان به، ومحبَّته، والاستدلالِ على صدق رُسُله فيما أخبروا به عنه من أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وثوابه، وعقابه لا النظرُ الذي [٤٧ أ] يُوجب تعلُّق الناظر بالصُّورة التي يَحْرُمُ عليه الاستمتاع بها نظرًا ومباشرةً، فهذا النظر الذي أمرَ الله سبحانه صاحبه بغضِّ بصره، هذا مع أنَّ القومَ لم يُبْتَلَوْا بالمُرْدان، وهم كانوا أشرفَ نفوسًا، وأطهر قلوبًا من ذلك، فإذا أمرَهم بغضِّ أبصارِهم عن الصُّورة التي تُباح لهم في بعض الأحوال خشيةَ الافتتان، فكيف بالنظر (٢) إلى صورةٍ لا تُباح بحال؟ ثم يُقال لهذه الطائفة: النظر الذي ندبَ الله إليه نظرٌ يُثاب عليه الناظر، وهو نظرٌ مُوافقٌ لأمره، يقصدُ به معرفة ربِّه ومحبَّته، لا النظرُ الشَّيطانيُّ.

ويُشبه هذا الاستدلال استدلال بعض الزنادقة المنتَسبين إلى الفقه على حِلِّ الفاحشة بمملوك الرَّجل، بقوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون/٦]، ومُعْتَقِدُ ذلك كافرٌ حلالُ الدَّم بعد قيام الحُجَّة عليه، وإنما تستَّرت هذه الطائفةُ لهواها وشهواتها، وأوهمت أنَّها تنظُر عِبرةً، واستدلالًا، حتى آل ببعضِهُمُ الأمرُ


(١) «النظر» ساقطة من ش.
(٢) ش: «النظر».

<<  <  ج: ص:  >  >>