للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذبَ والله! ما سألني عن شيءٍ مِنْ هذا قطُّ، ولا أفتيتُه. وإذا كان هذا جواب سعيدٍ في مثل هذا؛ فما جوابُه لمن سأله أن يُقبِّل حبيبًا أجنبيًّا كلَّ يوم وليلةٍ عشرة؟ فقبَّح الله الفسقة الكذَّابين على العلماء، ولاسيَّما على مثل سعيدٍ، فهؤلاء كلُّهم فسقةٌ كاذبون، أرادوا تنفيق [٤٨ ب] فسقهم بالكذب على علماءِ وقتهم، كما نفَّق الفاسقُ أبو نُوَاس كذبه على إسحاق ابن يوسف الأزرق.

قال عبيد الله بن محمد بن عائشة (١): أتيتُ إسحاق بن يوسف الأزرق يومًا، فلمَّا رآني؛ بكى، قلت: ما يبكيك؟ قال: هذا أبو نُوَاس، قلت: ما لَه؟ قال: يا جاريةُ! ائتيني بالقرطاس، فإذا فيه مكتوبٌ:

يا ساحرَ المُقلتين والجِيْد ... وقاتِلي مِنْهُ بالمَواعيدِ

تُوعِدُني الوَصْلَ ثم تُخْلِفُني ... ويْلاه مِن مُخْلِفٍ لموْعُودي

حدَّثني الأزرقُ المُحَدِّث عن ... شِمْرٍ وَعَوْفٍ عن ابن مسعودِ

لا يُخلفُ الوعدَ غيرُ كافرةٍ ... أو كافرٍ في الجَحِيْم مَصْفُود

كذب والله عليَّ، وعلى التابعين، وعَلَى الصَّحابة!

ولو صحَّ عنْ سعيد لم يكن لكم فيه حُجَّةٌ، فإنَّ سعيدًا أمره بالصَّبْر


(١) الخبر مع الشعر في «نور القبس» (ص ٢٠١، ٢٠٢). والبيتان الأخيران لأبي نواس في «عيون الأخبار» (٢/ ١٣٩، ١٤٠)، و «أخبار أبي نواس» (١/ ١٥١)، ولا يوجد الشعر في ديوانه. وانظر «خاص الخاص» (ص ٢٣٤) طبعة الهند.

<<  <  ج: ص:  >  >>