للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حركته، وعظم سلطانه من القلب، ثم يتغشَّى على سائر الأعضاء، فيُبْدي الرِّعدةَ في الأطراف، والصُّفْرةَ في الوجه (١)، والضَّعفَ في الرأْي، واللَّجْلَجَةَ في الكلام، والزَّللَ والعِثار، حتى يُنْسَب صاحبُه إلى الجنون.

وقيل لأبي زهير المديني (٢): ما العشق؟ قال: الجنون والذلُّ، وهو داء أهل الظَّرْف.

ونظر عاشقٌ إلى معشوقه (٣)، فارتعدتْ فرائصُهُ، وغُشيَ عليه، فقيل لحكيم: ما الَّذي أصابَه؟ فقال: نظرَ إلى من يُحِبُّه، فانفرج له قلبُه، فتحرَّكَ الجسم بانفراج القلب.

فقيل له: نحن نحبُّ أولادنا، وأهلَنا، ولا يُصيبُنا ذلك، فقال: تلك محبَّةُ العقل، وهذه محبَّةُ الرُّوح، قال (٤):

وما هو إلا أن يَراها فُجَاءَةً ... فتَصْطَكَّ رِجْلاهُ وَيسْقُطَ للجَنْب

وقال: العشقُ ملكٌ مُسلَّطٌ على قهر النفوس، وأسْرِ القُلوب، قال الشاعر:

ملك القلوبَ فأصبحتْ في أسرِه ... وبِودِّها ألَّا يُفَكَّ إِسارُها


(١) ش: «الألوان».
(٢) انظر: «مصارع العشاق» (١/ ١٢) و «ذم الهوى» (ص ٢٩٢).
(٣) الخبر في «ذم الهوى»، (ص ٢٩٥).
(٤) البيت بلا نسبة في «ديوان الصبابة» (ص ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>