للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقها، فلما رأت تشوُّف الناس إليها أرسلت بُرقُعها، فكأنَّه غمامةٌ غطَّت شمسًا، فقلت: لِمَ تمنعيننا النظر إلى وجهك هذا الحسن؟ فأنشأت تقول (١):

وكنتَ متى أرسلتَ طرفك رائدًا ... لقلبك يومًا أتعبتْك المناظرُ

رأيت الذي لا كلُّه أنت قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ

ونظر إليها أعرابيٌّ (٢) فقال: أنا والله ممَّنْ قلَّ صبره، ثم قال:

أوَحْشِيَّة العينين أين لك الأهلُ ... أبِالْحَزْن حلُّوا أم محلُّهُم السَّهْلُ

وأيَّةُ أرضٍ أخرجتك فإنَّني ... أراك من الفِرْدَوْسِ إن فُتِّش الأصلُ

قفي خبِّرينا ما طَعِمْتِ وما الذي ... شرِبْتِ ومن أين استقلَّ بك الرَّحْلُ

لأنَّ علامات الْجِنان مُبِينَةٌ ... عليك وإنَّ الشَّكل يُشبِهُه الشَّكْلُ

تناهيتِ حسنًا في النِّساء فإنْ يكن ... لبدرِ الدُّجى نَسْلٌ فأنتِ له نسلُ

وقال آخر (٣):

يا مُنْسِيَ المحزون أحزانَه ... لما أتته في المُعَزِّينا

استقبلتْهنَّ بتمثالها ... فقُمْنَ يَضْحَكْن ويَبْكِينا


(١) تقدم البيتان وتخريجهما.
(٢) أخرجه الخرائطي (ص ١٥٦).
(٣) في اعتلال القلوب (ص ١٥٦ - ١٥٧): «أنشدني أبو نواس». والأبيات له في ديوانه (ص ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>