عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} [الأعراف/٢٦] فهذا زينةُ الظاهر، ثم قال:{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}[الأعراف/٢٦] فهذا زينةُ الباطن، وينظر إليه من طرف خفي قوله تعالى:{وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا}[فصلت/١٢] فزيَّن ظاهرها بالمصابيح، وباطنها بحفظها من الشيطان.
وقريبٌ منه قوله تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة/١٩٧] فذكر الزَّاد الظاهر، والزاد الباطن، وهذا من زينة القرآن الباطنة المضافة إلى زينة ألفاظه، وفصاحته، وبلاغته الظاهرة.
ومنه قوله تعالى لآدم: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه/١١٨ ــ ١١٩] فقابل بين الجوع والعُري دون الجوع والظمأ، وبين الظمأ والضَّحْي دون الظمأ والجوع، فإن الجوع عُري الباطن، وذُلُّه، والعُرْي جوعُ الظاهر، وذُلُّه. فقابل بين ذل باطنه وظاهره، وجوع باطنه وظاهره، والظمأُ: حرُّ الباطن، والضحيُ: حرُّ الظاهر، فقابل بينهما.
وسُئل المتنبي [٨٨ ب] عن قول امرئ القيس (١):
كأنِّي لم أركبْ جوادًا للذَّةٍ ... ولم أتبَطَّنْ كاعِبًا ذات خلخالِ
ولم أسبأ الزِّق الروي ولم أقلْ ... لخيلي كُرِّي كرَّةً بعد إجفال