للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصفهنَّ بأنهنَّ خيْراتٌ حسان، وهو جمع خيْرة، وأصلها خيِّرة بالتَّشديد، كطَيِّبة، ثم خُفِّف الحرف، وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهرًا وباطنًا، فكمل خَلْقها، وخُلُقها، فهنَّ خيراتُ الأخلاق، حسانُ الوجوه.

ووصفهنَّ بالطَّهارة، فقال: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة/٢٥] طَهُرْنَ من الحيض والبول والنَّجوِ وكلِّ أذًى يكون في نساء الدُّنيا، وطهُرت بواطنُهنَّ من الغيرة، وأذى الأزواج، وتجنِّيهنَّ عليهم، وإرادة غيرهم.

ووصفهنَّ بأنَّهنَّ مَقْصُوراتٌ في الخيام، أي: ممنوعاتٌ من التبرُّج، والتبذل لغير أزواجهنَّ، بل قد قُصِرْنَ على أزواجهنَّ، لا يخرجن من منازلهم، وقُصِرْن عليهم، فلا يُرِدن سواهم.

ووصفهنَّ سبحانه بأنهنَّ قاصراتُ الطَّرْف، وهذه الصِّفةُ أكمل من الأولى، ولهذا كنَّ لأهل الجنتين الأوليين، فالمرأة منهنَّ قد قصرت طرفها على زوجها من محبتها له، ورضاها به، فلا يتجاوزُ طرفُها عنه إلى [٩١ ب] غيره، كما قيل (١):

أذودُ سَوَامَ الطَّرْفِ عنكَ وماله ... على أحدٍ إلا عليك طريقُ

وكذلك حال المقصورات أيضًا، ولكن أولئك مقصوراتٌ، وهؤلاء قاصرات.


(١) البيت لقيس بن ذريح في ديوانه (ص ١٢٨)، والتذكرة الحمدونية (٦/ ١٦٤). ولمضرس بن قرط في أمالي القالي (٢/ ٢٥٧). وانظر سمط اللآلي (٢/ ٨٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>