وقد قيل في قوله تعالى:{فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}[الروم/١٥]: إنه السماع الطيبُ، ولا ريب أنه من الحبرة.
وقال عبد الله بن محمد البغوي (١): حدَّثنا عليٌّ، أنبأنا زهيرٌ عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ قال:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}[الزمر/٧٣] حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها؛ وجدوا عنده شجرةً، يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحداهما، فكأنَّما أُمروا به، فشربوا منها، فأذهب الله ما في بطونهم من قذًى، أو أذًى، أو بأْس، ثم عمدوا إلى الأخرى، فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم، ولم تتغيَّر أشعارُهم بعدها أبدًا، ولم تشعث رؤوسهم، كأنهم ادَّهَنُوا بالدِّهان، ثُمَّ انتهوا إلى خزنة الجنة، فقالوا:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزمر/٧٣] ثم تلقَّاهم الولدان يطيفون بهم، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم عليهم [٩٣ ب] من غيبته، فيقولون له: أبشر بما أعدَّ الله تعالى لك من الكرامة، ثم ينطلق غلامٌ من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحُور العين، فيقول: جاء فلان باسمه الذي كان يُدْعى به في الدنيا قالت: أنت رأيتُهُ؟ قال: أنا رأيتُه، وهو بِأَثري، فيستخفّ إحداهنَّ الفرحُ حتى تقومُ على أُسْكُفَّة بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه، فإذا جندلُ اللؤلؤ فوقه صرحٌ أخضر، وأحمرُ، وأصفرُ من كل لون، ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا مثل البرق، ولولا أن الله ــ عزَّ وجلَّ ــ قدَّره؛ لألمَّ أن يذهب بصره،