ويظلُّ بالجمرات يرمي قلبه ... هذي مناسكُه بكل أوانِ
والنَّاسُ قد قَضَّوا مناسكَهم وقد ... حَثُّوا ركائبهم إلى الأوطان
وحدتْ بهم هممٌ لهم وعزائمٌ ... نحو المنازل ربَّة الإحسان
رُفِعتْ لهم في السَّيْر أعلامُ الوصا ... ل فشمَّروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بُعدٍ خيامًا مُشرفا ... تٍ مشرقاتِ النُّور والبُرهان
فتيمَّموا تلك الخيام فآنسوا ... فيهنَّ أقمارًا بلا نُقصان
من قاصرات الطَّرْفِ لا تبغي سوى ... محبوبها من سائر الشُّبَّانِ
قصَرتْ عليه طرفها من حُسْنِهِ ... والطَّرْفُ منه مُطلقٌ بأمان
ويحار منه الطرفُ في الحسن الذي ... قد أُعطيت فالطرفُ كالحيران [٩٥ ب]
ويقولُ لمَّا أن يُشاهد حُسنها ... سبحان مُعطي الحُسن والإحسان
والطرف يشربُ من كؤوس جمالها ... فتراه مثل الشَّارب النَّشْوانِ
كمُلتْ خلائقُها وأُكمِل حسنُها ... كالبدْر ليل السِّتِّ بعد ثمانِ
والشمس تجري في محاسن وجهها ... والليل تحت ذوائب الأغصان
فيظلُّ يَعجب وهو موضعُ ذاك من ... ليل وشمس كيف يجتمعان
ويقول سبحان الذي ذا صنعُهُ ... سبحان مُتْقِنِ صنْعة الإنسانِ
لا الليلُ يُدركُ شمسها فتغيب عنـ ... ـد مجيئه حتَّى الصباح الثَّاني
والشَّمسُ لا تأتي فتُخفي الليلَ بل ... يتصاحبان كلاهُما أخوانِ
وكلاهُما مرآةُ صاحبه إذا ... ما شاء يُبصِرُ وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها ... وترى محاسنها به بعيانِ
حُمْر الخُدود ثُغورُهنَّ لآلئٌ ... سودُ العيون فواترُ الأجفانِ