للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كان سرَّكُم ما قال حاسِدُنا ... فما لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألمُ

واهتدمَه بعضهم فقال:

يا من يعزُّ علينا أن نُلِمَّ بهم ... إذْ بُعدُنا عنهم قد صار قصدهمُ

إنْ كان يُرضيكم هذا البُعاد فما ... فيه لِصبِّكمُ جرحٌ ولا ألمُ

ولعمرُ الله أكثر هذه دعاوي لا حقيقة لها، والصادقُ منهم يخبر عن عزمه وإرادته، لا عن حاله وصفته، ولقد أحسن القائل (١):

رضُوا بالأماني وابْتُلوا بحظوظهم ... وخاضُوا بحارَ الحبِّ دعوى وما ابتلُّوا

فهم في السُّرى لم يبرحوا من مكانهم ... وما ظعنوا في السير عنه وقد كلُّوا

[١٠٥ أ] وإن كان هذا وصف قائلها بعينه وحاله؛ فإنَّه خاض بحار الحبِّ وما ابتلَّ له فيها قدم، فأخبر عن نفسه عند انكشافِ غطائه، وطلَبِ الرسلِ له لقدومه على ربه، فقال، وصدق (٢):

إن كان منزلتي في الحب عندكم ... ما قد لقيتُ فقد ضيَّعتُ أيامِي


(١) ابن الفارض في ديوانه (ص ١٣٤ - ١٣٥).
(٢) ابن الفارض في ديوانه (ص ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>