للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهُ رواية الاكتفاء باثنين: أنَّ البينة ليست على إقامة الحدِّ، ولكن على وجود السبب المانع من القصاص، فإن الزوج كان له أن يقتل المعتدي على أهله، ولكن لما أنكر أولياءُ القتيل؛ طُولِب القاتل بالبيِّنة فاكتفي برجلين.

ورُفع إلى عمر رجلٌ قد قتل يهوديًّا، فسأله [١١٤ أ] عن قصَّته، فقال: إن فلانًا خرج غازيًا، وأوصاني بامرأته، فبلغني أنَّ يهوديًّا يختلفُ إليها، فكمنتُ له حتى جاء، فجعل ينشد ويقول (١):

وأبيضَ غرَّه الإسلامُ منِّي ... خَلَوْتُ بعِرْسه ليل التَّمامِ

أبِيتُ على ترائبها ويُمسي ... على جَرْداءَ لاحقةِ الْحِزام

كأنَّ مواضع الرَّبلات منها ... فِئامٌ يَنْهضون إلى فِئَام

فقمتُ إليه فقتلته، فأهْدر عمر دمه. وليس في هذين الأثرين مطالبةُ عمر للقاتل بالبيِّنة؛ إذ لعلَّه تيقَّن ذلك، أو أقرَّ به الوليُّ.

والصَّواب: أنه متى قام على ذلك دلالة ظاهرة، لا تحتمل الكذب؛ أغنت عن البينة.

وذكر سفيان بن عُيينة (٢): عن الزُّهري، عن القاسم بن محمد، عن


(١) الأبيات بلا نسبة في عيون الأخبار (٤/ ١١٦)، ومصارع العشاق (١/ ٧٥، ٢٧٨ ـ ٢٧٩)، والأوائل (١/ ٢٣٣، ٢٣٤)، وذم الهوى (ص ٤٨٨، ٤٨٩).
(٢) أخرج عنه الخرائطي (ص ١١٣). والخبر في طوق الحمامة (ص ٢٦)، ومصارع العشاق (١/ ٦٩)، وذم الهوى (ص ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>