للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شطحاته المذمومة، وأمَّا أن تُعدَّ في مناقبه، وفضائله أن يُقال له: أتحبُّ أن ترى الله؟ فيقول: لا، ورؤيتُه أعلى نعيم أهل الجنَّة، وهو سبحانه يحبُّ من عبده أن يسأله النَّظر إليه، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان من دعائه: «اللَّهُمَّ إني أسألُك لذَّةَ النَّظَرِ إلى وجْهِكَ، والشَّوقَ إلى لِقَائك» (١).

وقول هذا القائل: أُنزِّه ذلك الجمال عن نظر مثلي، من خدع الشيطان والنَّفس، وهو يُشبه ما يُحكى عن بعضهم: أنَّه قيل له: ألا تذكره؟ فقال: أنزهه أن يجري ذكره على لساني، وطردُ هذا التنزيه الفاسد أن ينزهه أن يجري كلامه على لسانه، أو يخطُر هو أيضًا على قلبه، وقد وقع بعضهم في شيءٍ من هذا، فلاموه، فأنشد يقول (٢):

يقولون زُرْنا واقضِ واجبَ حقِّنا ... وقد أسقطتْ حالي حقوقَهمُ عنِّي

إذا هم رأَوْا حالي ولم يأْنَفُوا لها ... ولم يأْنَفُوا منِّي أَنِفْتُ لهم منِّي

وطردُ هذه الغيرة ألَّا يزور بيته؛ غيرةً على بيته أن يزورهُ مثلُه. ولقد لُمْتُ شخْصًا مرَّةً على ترك الصلاة، فقال لي: إنِّي لا أرى نفسي أهلًا أن أدخل بيته. فانظر إلى تلاعب [١١٦ ب] الشَّيطان بهؤلاء!

ومن هذا ما ذكره القُشيريُّ (٣)، قال: سُئل الشبليُّ متى تستريح؟ فقال:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيتان لجحظة البرمكي في ديوانه (ص ١٧٨)، وديوان المعاني (٢/ ٢٠٣). وبلا نسبة في ديوان الصبابة (ص ١١٢).
(٣) الأخبار الآتية من الرسالة القشيرية (ص ٢٥٦ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>