للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصرَّمُ لذَّاتُ المعاصي وتنقضي ... وتبقى تِبَاعاتُ المعاصي كما هِيَا

فيا سوْءَتا والله راءٍ وسامعٌ ... لِعَبْدٍ بعينِ الله يَغْشى المعاصيا

وقال عمر بن بكير (١): قال أعرابيٌّ: علقْتُ امرأةً كنت آتيها، فأحدِّثها سنين، وما جرت بيننا ريبة قطُّ، إلَاّ أني رأيت بياض كفها في ليلة ظلماء، فوضعتُ يدي على يدها، فقالت: مهْ! لا تُفْسِدْ ما بيني وبينك، فإنه ما نُكح حبٌّ قطّ إلَاّ فسد، قال: فقمتُ، وقد تصبّبْتُ عرقًا؛ حياءً منها، ولم أعُدْ إلى شيءٍ منها.

وذكر أبو الفرج (٢) وغيره: أنّ امرأةً جميلةً كانت بمكَّة، وكان لها زوجٌ، فنظرت يومًا إلى وجهها في المرآة، فقالت لزوجها: أترى أحدًا يرى هذا الوجه ولا يَفْتَتِنُ به؟! قال: نعم! قالت: منْ؟ قال: عُبيد بن عُمير، قالت: فائذنْ لي فيه، فلأفتننَّه، قال: قد أذِنتُ لك، قال: فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحيةٍ من المسجد الحرام، فأسفرت عن [١٢٩ ب] وجه مثل فَلْقَةِ القمر، فقال لها: يا أمَةَ الله استتري! فقالت: إني قد فُتِنْتُ بكَ. قال: إنِّي سائِلُكِ عن شيءٍ، فإنْ أنتِ صدقتِني نظرتُ في أمرك. قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتُك. قال: أخبريني: لو أنَّ ملك الموت أتاك ليقبض روحك؛ أكان يسُرُّك أن أقضي لك هذه


(١) المصدر نفسه (ص ٢٣٥).
(٢) أي ابن الجوزي في ذم الهوى (٢٦٥ - ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>