للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فرفعت المدينة حتى سمع أهل السماء نبيح الكلاب، ثم أقلبت، ورموا بالحجارة.

وقال حذيفة بن اليمان (١): لما أُرسلت الرسل إلى قوم لوط، لتهلكهم؛ قيل لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطٌ ثلاث مرات، وطريقهم على إبراهيم، قال: فأتَوا إبراهيم، فبشروه بما بشروه {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود/ ٧٤] قال: كان مجادلته إياهم أن قال لهم: إن كان فيهم خمسون؛ أتهلكونهم؟ قالوا: لا. قال: أفرأيتم إن كان فيهم أربعون؟ قالوا: لا. قال: فثلاثون؟ قالوا: لا. حتى انتهى إلى عشرةٍ، أو خمسةٍ، فأتوا لوطًا وهو في أرض يعمل فيها، فحسبهم ضيفًا، فأقبل بهم حين أمسى إلى أهله، وأتوا معه، فالتفت إليهم فقال: أما ترون ما يصنع هؤلاء؟ قالوا: وما يصنعون؟ قال: ما من الناس أحد شرٌّ منهم، قال: فانتهى بهم إلى أهله، فانطلقت العجوز السُّوء امرأتُه، فأتت قومه، فقالت: [١٤٠ ب] لقد تضيَّف لوطًا الليلة قوم ما رأيت قطُّ أحسن وجوهًا، ولا أطيب ريحًا منهم، فأقبلوا يُهرعون إليه، حتى دفعوا الباب، حتى كادوا أن يقلبوه عليهم، فقال ملك بجناحه، فصفقه دونهم، ثم أغلق الباب، ثم علوا الأجاجير، فجعل يخاطبهم، فقال: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود/ ٧٨] حتى بلغ {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود/ ٨٠ ــ ٨١] فطمس جبريل أعينهم فما بقي أحدٌ منهم تلك الليلة حتى عمي. قال: فباتوا بشرِّ


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ٤٩٥، ٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>