الطواف بالبيت؛ إذ نظر إلى امرأةٍ ذات جمالٍ تطوف، وإذا رجلٌ يتلوها، كلما رفعت رجلها وضع رجله موضع رجلها، فجعل ينظر إلى ذلك من أمرهما، فلما فرغت المرأة من طوافها تبعها الرجل هُنية، ثُمَّ رجع، فلما رآه عمر؛ وثب إليه وقال: لتُخبرني عن أمرك! قال: نعم! هذه المرأة التي رأيت ابنةُ عمي، وأنا لها عاشقٌ، وليس لي مال، فخطبتها إلى عمي، فرغب عني وسألني من المهر ما لا أقدر عليه، والذي رأيت هو حظي منها، ومالي من الدنيا أمنيةٌ غيرها، وإنما ألقاها عند الطواف، وحظي ما رأيت من فعلي. فقال له عمر: ومن عمك؟ قال: فلان بن فلان. قال: انطلق معي إليه، فانطلقا، فاستخرجه عمر، فخرج مبادرًا، فقال: ما حاجتك يا أبا الخطاب؟ قال: تزوج ابنتك فلانة من ابن أخيك فلان، وهذا المهر الذي تسأله مساقٌ إليك من مالي! قال: فإني قد فعلت. قال عمرُ: إني أُحبُّ ألَّا أبرح حتى يجتمعا، قال: وذلك أيضًا! قال: فلم يبرح حتى جمعهما جميعًا، وأتى منزله فاستلقى على فراشه، فجعل النوم لا يأخذه، وجعل جوفه يجيش بالشعر، فأنكرت جاريته ذلك، فجعلت تسأله عن أمره، وتقول: ويحك! ما الذي دهاك؟ فلما أكثرت عليه؛ جلس، وأنشد (١):
تقول وليدتي لما رأتني ... طربتُ وكنتُ قد أقصرتُ حينا
أراك اليوم قد أحدثت شوقًا ... وهاج لك البكا داءً دفينا