للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لفظ غير البخاري (١): «فإذا أحببته؛ كنت له سمعًا، وبصرًا، ويدًا، ومؤيدًا». فتأمل كمال الموافقة في الكراهة، كيف اقتضى كراهة الرب تعالى لمساءة عبده بالموت لما كره العبد مساخط ربه! وكمال الموافقة في الإرادة، كيف اقتضى موافقته في قضاء حوائجه، وإجابة طلباته، وإعاذته مما استعاذ به، كما قالت عائشة ــ رضي الله عنها ــ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك (٢).

وقال له عمه أبو طالب: يا ابن أخي! ما أرى ربك إلا يطيعك! فقال: «وأنت يا عم! لو أطعته؛ أطاعك» (٣).

وفي تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عزَّ وجل: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء/ ١٢٥] قال: حبيبًا قريبًا، إذا سألهُ؛ أعطاه، وإذا دعاه؛ أجابه. وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام: يا موسى! كن لي كما أُريد؛ أكن لك كما تريد.

وتأمل هذه الباء في قوله: فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، كيف تجدها مبينة لمعنى قوله: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره


(١) في حديث أنس المذكور.
(٢) أخرجه البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤) عن عائشة.
(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل (٧/ ١٠٢)، والبيهقي في دلائل النبوة (٦/ ١٨٤) من حديث أنس. وفي إسناده هيثم بن جماز البكاء، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>