القاضي: أنه سمع أبا إسحاق الهمدانيَّ يحدث عن الحارث الأعور، عن عليِّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ رفعه قال: «إن الله إذا أسكن أهل الجنة الجنةَ، وأهل النار النار، بعث إلى أهل الجنة الروح الأمين فيقول: يا أهل الجنة! إن ربكم يقرئكم السلام، ويأمركم أن تزوروه إلى فناء الجنة، وهو أبطح الجنة، تُربته المسك، وحصباؤُه الدُّرُّ والياقوت، وشجرهُ الذهب الرطب، وورقه الزُّمُرُّد، فيخرج أهل الجنة مستبشرين مسرورين، فثَمَّ يجمعهم، وثَمَّ كرامةُ الله، والنظر إلى وجهه، وهو موعد الله أنجزهُ لهم، فيأذن الله لهم في السماع، والأكل، والشرب، ويكسون حلل الكرامة، ثم ينادي منادٍ: يا أولياء الله! هل بقي مما وعدكم ربكم شيء؟ فيقولون: لا، وقد أنجزنا ما وعدنا، فما بقي شيءٌ إلا النظر إلى وجهه، فيتجلى لهم الربُّ في حجبٍ، فيقول: يا جبريل! ارفع حجابي لعبادي؛ كي ينظروا إلى وجهي. قال: فيرفع الحجاب الأوَّل، فينظرون إلى نور من نور الرب، فيخرون له سجدًا، فيناديهم الرب: يا عبادي! ارْفعوا رؤوسكم؛ فإنها ليست بدار عملٍ، إنما هي دارُ ثوابٍ، فيرفع الحجاب الثاني، فينظرون أمرًا هو أعظم وأجلُّ، فيخرون لله حامدين ساجدين، فيناديهم الربُّ: ارفعوا رؤوسكم، إنها ليست بدار عمل، إنما هي دارُ ثوابٍ، ونعيم مُقيمٍ.
فيرفع الحجاب الثالث، فعند ذلك ينظرون إلى وجه رب العالمين، فيقولون حين ينظرون إلى وجهه: سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك، فيقولُ: كرامتي أمكنتكم من النظر إلى وجهي وأحلتْكم داري. فيأذنُ الله للجنَّة أن تتكلم، فتقول: طوبى لمن سكنني!