للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال يحيى بن أيُّوب (١): كان بالمدينة فتًى يُعجب عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ شأنه، فانصرف ليلةً من صلاة العشاء، فتمثَّلت له امرأةٌ بين يديه، فعرَّضت له بنفسها، ففُتِنَ بها، ومضت، فأتبعها حتى وقف على بابها، فأبصر، وجُلِّيَ عن قلبه، وحضرته هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠١] فخرَّ مغشيًّا عليه، فنظرت إليه المرأة، فإذا هو كالميِّت، فلم تزل هي وجاريةٌ لها يتعاونان عليه حتى ألقياه على باب داره، فخرج أبوه، فرآه مُلقًى على باب الدَّار لمَا به، فحمله، وأدخله، فأفاق، فسأله: ما أصابك يا بنيَّ؟! فلم يخبره، فلم يزل به حتى أخبره، فلما تلا الآية شهق شهقةً، فخرجت نفسه، فبلغ عمرَ ــ رضي الله عنه ــ قصَّته فقال: ألا آذنتموني بموته؟ فذهب حتى وقف على قبره، فنادى: يا فلان: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن/ ٤٦] فسمع صوتًا من داخل القبر: قد أعطاني ربي يا عمر!

وذكر الحسن (٢) هذه القصة عن عمر ــ رضي الله عنه ــ على وجهٍ آخر، قال: كان شابٌّ على عهد عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ ملازمًا للمسجد والعبادة، فهويته جاريةٌ، فحدَّث نفسه بها، ثمَّ إنَّه تذكَّر،


(١) أخرج عنه ابن الجوزي (ص ٢٥٢ - ٢٥٣).
(٢) أخرج عنه ابن الجوزي (ص ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>