للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت: أعليَّ تتعلَّل؟ يا جارية! ضعي له وضوءًا فوق الجَوسَق ــ مكانًا لا يستطيع أن يفرَّ منه ــ فلمَّا صار في أعلى الجوسق؛ قال: اللَّهم إنِّي دُعِيْتُ إلى معصيتك، وإنِّي أختار أن أُلقي نفسي من هذا الجوسق، ولا أركب معصيتك! ثمَّ قال: باسم الله، وألقى نفسه من أعلاه، فأهبط الله ملكًا أخذ بضَبْعَيه، فوقع قائمًا على رجليه، [١٧٣ أ] فلمَّا صار في الأرض؛ قال: اللَّهم إن شئت رزقتني رزقًا يغنيني عن بيع هذه المكاتل! فأرسل الله عليه رِجلًا من جراد من ذهبٍ، فأخذ منه حتى ملأ ثوبه، فلمَّا صار في ثوبه؛ قال: اللهم إن كان هذا رزقًا رزقتنيه من الدُّنيا؛ فبارك لي فيه! وإن كان ينقصني ممَّا لي عندك في الآخرة فلا حاجة لي فيه! فنودي: إنَّ هذا الَّذي أعطيناك جزءٌ من خمسة وعشرين جزءًا لصبرك على إلقائك نفسك! فقال: اللهم لا حاجة لي فيما ينقصني ممَّا لي عندك في الآخرة! فرُفِعَ الجراد.

وذكر أبو الفرج ابن الجوزي (١) عن رجل من بعض المياسير قال: بينا أنا يومًا في منزلي؛ إذ دخل عليَّ خادمٌ لي، فقال لي: رجلٌ بالباب معه كتاب، فقلت: أدخله، أو خذ كتابه. فأخذ الكتاب منه، فإذا فيه:

تجنَّبك الرَّدى ولقيتَ خيرًا ... وسلَّمك المليك من الغموم

شكونَ بناتُ أحشائي إليكم ... وما إن يشتكين إلى ظلوم


(١) في ذم الهوى (ص ٢٣١ - ٢٣٤) بطوله. والخبر والشعر في مصارع العشاق (٢/ ٢٧١ - ٢٧٤)، وتزيين الأسواق (١/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>