فَمِمَّنْ حج الْحَافِظ أَبُو بكر البيهقى والأستاذ أَبُو الْقَاسِم القشيرى وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبُو المعالى الجوينى وخلائق يُقَال جمعت تِلْكَ السّنة أَرْبَعمِائَة قَاض من قُضَاة الْمُسلمين من الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة هجروا بِلَادهمْ بِسَبَب هَذِه الْوَاقِعَة وتشتت فكرهم يَوْم رُجُوع الْحَاج فَمن عازم على الْمُجَاورَة وَمن محير فى أمره لَا يدرى أَيْن يذهب فاتفقت كلمتهم على أَن الْأُسْتَاذ أَبَا الْقَاسِم يَعْلُو الْمِنْبَر وَيتَكَلَّم عَلَيْهِم قيل فَصَعدَ وشخص فى السَّمَاء زَمَانا وأطرق زَمَانا ثمَّ قبض على لحيته وَقَالَ يَا أهل خُرَاسَان بِلَادكُمْ بِلَادكُمْ إِن الكندرى غريمكم قطع إربا إربا وَفرقت أعضاؤه وَهَا أَنا أشاهده السَّاعَة وَأنْشد
(عميد الْملك ساعدك الليالى ... على مَا شِئْت من دَرك المعالى)
(فَلم يَك مِنْك شئ غير أَمر ... بلعن الْمُسلمين على التوالى)
(فقابلك الْبلَاء بِمَا تلاقى ... فذق مَا تسْتَحقّ من الوبال)
فضبط التَّارِيخ فَكَانَ فى ذَلِك الْيَوْم بِعَيْنِه وَتلك السَّاعَة بِعَينهَا قد أَمر السُّلْطَان بِأَن يقطع إربا إربا وَأَن يُوصل إِلَى كل مَكَان مِنْهُ عُضْو يدْفن فِيهِ فَفعل بِهِ ذَلِك
ذكر استفتاء كتب فى ذَلِك وَأرْسل إِلَى الْعرَاق
قد كَانَ الْحَال لَو وفْق الله ولى الْأَمر وَمن يطْلب الْحق غَنِيا عَن ذَلِك إِذْ فى وجود مثل إِمَام الْحَرَمَيْنِ على ظهر الأَرْض غنية عَن استفتاء غَيره من الْفُقَهَاء وَإنَّهُ ليقبح بِأَهْل إقليم فيهم إِمَام الْحَرَمَيْنِ بل بِأَهْل عصر أَن تقع لَهُم نازلة فَلَا يصغون إِلَى فتياه ويكتبون إِلَى النواحى يستفتون كَيفَ وَقد كَانَ مَعَه البيهقى مُحدث زَمَانه