وفيهَا عمل صَلَاح الدّين بِمصْر مدرستين للشَّافِعِيَّة والمالكية وَخرج بجيوشه فَأَغَارَ على الرملة وعسقلان وهجم على ربض غَزَّة وَرجع إِلَى مصر وجهز بعض جنده إِلَى قلعة أَيْلَة فغزوها فِي المراكب وافتتحوها واستباحوا الفرنج فِيهَا قتلا وسبيا وَكَانَ فتح هَذِه القلعة واستعادتها من الفرنج أعظم النعم على الْمُسلمين فَإِنَّهَا كَانَت قلعة منيعة وَكَانَت الفرنج قد اتَّخَذُوهَا هِيَ والكرك سَبِيلا إِلَى الْإِحَاطَة بالحرمين الشريفين فَقدر الله فتحهما على يَد هَذَا السُّلْطَان رَحمَه الله
وَمن كتاب فاضلي من السُّلْطَان إِلَى الْخَلِيفَة يعدد فِيهِ مَا للسُّلْطَان من الفتوحات وَمن جِهَاد الفرنج وَمِنْهَا قلعة بثغر أَيْلَة بناها الْعَدو فِي الْبَحْر وَمِنْهَا المسلك إِلَى الْحَرَمَيْنِ الشريفين بِحَيْثُ كَادَت الْقبْلَة يستولي على أَصْلهَا والمشاعر يسكنهَا غير أَهلهَا ومضجع الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَطَرَّق إِلَيْهِ الْكفَّار
فِي كَلِمَات قَالَهَا
ثمَّ دخلت سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
فَاسْتَفْتَحَ السُّلْطَان الْخطْبَة فِي الْجُمُعَة الأولى مِنْهَا بِجَامِع مصر لبني الْعَبَّاس وأقيمت الْخطْبَة العباسية فِي الْجُمُعَة الثَّانِيَة بِالْقَاهِرَةِ وأعقب ذَلِك موت العاضد فِي يَوْم عَاشُورَاء بِالْقصرِ وَجلسَ السُّلْطَان للعزاء وَأغْرب فِي الْحزن والبكاء وانقرضت دولة الفاطميين وَكَانَ لَهَا أَكثر من مِائَتي سنة وتسلم السُّلْطَان الْقصر بِمَا فِيهِ من خزائنه وذخائره واحتاط على آل الْقصر فجعلهم فِي مَكَان برسمهم وقررت لَهُم المؤونة وجمعت رِجَالهمْ وَاحْترز عَلَيْهِم وَمنعُوا من النِّسَاء لِئَلَّا يتناسلوا وَذكر المؤرخون من نفائس الْقصر وذخائره مَالا نطيل بِذكرِهِ وانتقل الْملك الْعَادِل سيف الدّين أَبُو بكر إِلَى الْقصر بمرسوم أَخِيه فاستقر فِي نِيَابَة السُّلْطَان وكتبت الْكتب إِلَى بَغْدَاد بالبشارة وَأعَاد الْجَواب والخلعة الفائقة العباسية إِلَى السُّلْطَان صَلَاح الدّين