أما مَعَ مجئ خَاتم النَّبِيين الذى ثبتَتْ نبوته بأوضح الْبَرَاهِين وإخباره بِأَنَّهُ لَا نبى بعده فقد أمنا الِاشْتِبَاه فَلَو صَحَّ مَا ذكر من الِاشْتِبَاه والانسداد لَكَانَ فى حكم الْأَوْلِيَاء من الْأُمَم السالفة لَا فى حكم الْأَوْلِيَاء من هَذِه الْأمة لأمنهم من أَنه لَا نبى بعد نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا لَو صَحَّ وَلنْ يَصح أبدا
شُبْهَة خَامِسَة لَهُم وَتَقْرِير بُطْلَانهَا
قَالُوا لَو كَانَ للكرامات أصل لَكَانَ أولى النَّاس بهَا أهل الصَّدْر الأول وهم صفوة الْإِسْلَام وقادة الْأَنَام والمفضلون على الخليقة بعد الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَلم يُؤثر عَنْهُم أَمر مستقصى
وَهَذَا الذى ذَكرُوهُ تعلل بالأمانى وَهُوَ قَول مرذول مَرْدُود فَلَو حاول مستقص استقصاء كرامات الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم لأجهد نَفسه وَلم يصل إِلَى عشر الْعشْر وَلَا بَأْس هُنَا بِذكر يسير من كرامات الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم وَالْكَلَام على السِّرّ فى ظُهُورهَا وإظهارها على وَجه الِاخْتِصَار ليستفاد بكلامنا على مَا نورده من الْقَلِيل مَا يستعان بِهِ على مَا نغفله من الْكثير
فَنَقُول اعْلَم أَولا أَن كل كَرَامَة ظَهرت على يَد صحابى أَو ولى أَو تظهر إِلَى يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين فَإِنَّهَا معْجزَة للنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن صَاحبهَا إِنَّمَا نالها بالاقتداء بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ معترف لَهُ بِأَنَّهُ مقدم خَلِيقَة الله وصفوتهم وَسيد الْبشر الذى من بحره تستخرج الدُّرَر وَمن غيثه يسْتَنْزل الْمَطَر وَهَذَا الْمَعْنى يصلح أَن يكون سَببا إجماعيا عَاما فى الْإِظْهَار لَا سِيمَا فى عصر الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَإِن