عز الدّين تكلم على هَذَا الْفَصْل فَأخذ المرسي يتَكَلَّم وَالشَّيْخ عز الدّين يزحف فِي الْحلقَة وَيَقُول اسمعوا هَذَا الْكَلَام الَّذِي هُوَ حَدِيث عهد بربه
وَقد كَانَت للشَّيْخ عز الدّين الْيَد الطُّولى فِي التصوف وتصانيفه قاضية بذلك
ذكر وَاقعَة التتار وَمَا كَانَ من سُلْطَان الْعلمَاء فِيهَا
وحاصلها أَن التتار لما دهمت الْبِلَاد عقيب وَاقعَة بَغْدَاد الَّتِي سنشرحها إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الْحَافِظ زكي الدّين وَجبن أهل مصر عَنْهُم وَضَاقَتْ بالسلطان وعساكره الأَرْض استشاروا الشَّيْخ عز الدّين رَحمَه الله فَقَالَ اخْرُجُوا وَأَنا أضمن لكم على الله النَّصْر فَقَالَ السُّلْطَان لَهُ إِن المَال فِي خزانتي قَلِيل وَأَنا أُرِيد أَن أقترض من أَمْوَال التُّجَّار فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ عز الدّين إِذا أحضرت مَا عنْدك وَعند حريمك وأحضر الْأُمَرَاء مَا عِنْدهم من الْحلِيّ الْحَرَام وضربته سكَّة ونقدا وفرقته فِي الْجَيْش وَلم يقم بكفايتهم ذَلِك الْوَقْت اطلب الْقَرْض وَأما قبل ذَلِك فَلَا فأحضر السُّلْطَان والعسكر كلهم مَا عِنْدهم من ذَلِك بَين يَدي الشَّيْخ وَكَانَ الشَّيْخ لَهُ عَظمَة عِنْدهم وهيبة بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ مُخَالفَته فامتثلوا أمره فانتصروا
وَمِمَّا يدل على مَنْزِلَته الرفيعة عِنْدهم أَن الْملك الظَّاهِر بيبرس لم يُبَايع وَاحِدًا من الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر والخليفة الْحَاكِم إِلَّا بعد أَن تقدمه الشَّيْخ عز الدّين للمبايعة ثمَّ بعده السُّلْطَان ثمَّ الْقُضَاة وَلما مرت جَنَازَة الشَّيْخ عز الدّين تَحت القلعة وَشَاهد الْملك الظَّاهِر كَثْرَة الْخلق الَّذين مَعهَا قَالَ لبَعض خواصه الْيَوْم اسْتَقر أَمْرِي فِي الْملك لِأَن هَذَا الشَّيْخ لَو كَانَ يَقُول للنَّاس اخْرُجُوا عَلَيْهِ لانتزع الْملك مني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute