للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد قَالَ الْأُسْتَاذ الْكَبِير أَبُو الْقَاسِم القشيرى فى الرسَالَة إِن كثيرا من المقدورات يعلم الْيَوْم قطعا أَنه لَا يجوز أَن يظْهر كَرَامَة للأولياء لضَرُورَة أَو شبه ضَرُورَة يعلم ذَلِك فَمِنْهَا حُصُول إِنْسَان لَا من أبوين وقلب جماد بَهِيمَة أَو حَيَوَانا وأمثال هَذَا يكثر انْتهى

وَهُوَ حق لَا ريب فِيهِ وَبِه يَتَّضِح أَن قَول من قَالَ مَا جَازَ أَن يكون معْجزَة لنبى جَازَ أَن يكون كَرَامَة لولى لَيْسَ على عُمُومه وَأَن قَول من قَالَ لَا فَارق بَين المعجزة والكرامة إِلَّا التحدى لَيْسَ على وَجهه ولعلنا نبحث عَن هَذَا فى آخر الْفَصْل وسبيلنا حَيْثُ انتهينا إِلَى هَذَا الْفَصْل أَن نستقصى شبه المنكرين للكرامات ونستأصل شأفتهم بتقرير الرَّد عَلَيْهِم ثمَّ نذْكر الْبَرَاهِين الدَّالَّة على الْإِثْبَات ونختمها بتتمات

شُبْهَة للقدرية فى منع الكرامات وَذكر فَسَادهَا

قَالُوا تَجْوِيز الْكَرَامَة يفضى إِلَى السفسطة لِأَنَّهُ يقتضى تَجْوِيز انقلاب الْجَبَل ذَهَبا إبريزا أَو الْبَحْر دَمًا عبيطا وانقلاب أَوَان يَتْرُكهَا الْإِنْسَان فى بَيته أَئِمَّة فضلاء مدققين

وَالْجَوَاب عَن هَذِه الشُّبْهَة من وُجُوه

أَحدهَا أَنا لَا نسلم بُلُوغ الْكَرَامَة إِلَى هَذَا الْمبلغ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام القشيرى

والثانى وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَام أَئِمَّتنَا أَنا نجوز بُلُوغهَا هَذَا الْمبلغ وَلَكِن لَا يقتضى ذَلِك سفسطة لِأَن مَا ذكرْتُمْ بِعَيْنِه وَارِد عَلَيْكُم فى زمَان النُّبُوَّة فَإِنَّهُ يجوز ظُهُور المعجزة بذلك وَلَا يُؤدى إِلَى سفسطة

وَالثَّالِث أَن التجويزات الْعَقْلِيَّة لَا تقدح فى الْعُلُوم العادية وَجَوَاز تغيرها بِسَبَب الْكَرَامَة تَجْوِيز عقلى فَلَا يقْدَح فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>