فَلَمَّا قتل الْخَادِم غَار السودَان وثاروا وَكَانُوا أَكثر من خمسين ألف مقاتلة وَقد قدمنَا أَنهم كَانُوا نَحْو مائَة ألف وكل قَالَه المؤرخون وَلَعَلَّ الْجمع بَينهمَا أَن الْخمسين ألفا كَانُوا مقاتلة فُرْسَانًا وَالْبَاقُونَ كَانُوا رجالة لَا يضمهم ديوَان وَأَقْبلُوا كَقطع اللَّيْل المظلم فَخرج إِلَيْهِم من عَسْكَر صَلَاح الدّين الْأَمِير أَبُو الهيجاء واتصل الْحَرْب بَين القصرين ودأب الْحَرْب بَينهم يَوْمَيْنِ ثمَّ كَانَت الدائرة على السودَان وأخرجوا إِلَى الجيزة وَكَانَت لَهُم محلّة تسمى المنصورة فخربت وَحرقت ثمَّ بلغ نور الدّين نبأ هَذِه الْأَخْبَار الطّيبَة فانشرح صَدره وأمد صَلَاح الدّين بأَخيه شمس الدولة تورانشاه
ثمَّ دخلت سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
وفيهَا نزل الفرنج على دمياط فِي صفر وحاصروها أحدا وَخمسين يَوْمًا ثمَّ رحلوا خائبين لِأَن نور الدّين وَصَلَاح الدّين أجلبا عَلَيْهِم برا وبحرا وَأنْفق صَلَاح الدّين أَمْوَالًا كَثِيرَة وَقَالَ مَا رَأَيْت أكْرم من العاضد أرسل لي مُدَّة مقَام الفرنج على دمياط ألف ألف دِينَار مصرية سوى الثِّيَاب وَغَيرهَا
وفيهَا دخل نجم الدّين أَيُّوب أَبُو صَلَاح الدّين مصر فَخرج العاضد بِنَفسِهِ إِلَى لِقَائِه وتأدب ابْنه صَلَاح الدّين مَعَه وَعرض عَلَيْهِ منصبه