فَأرْسل السُّلْطَان فِيهَا قراقوش مَمْلُوك ولد أَخِيه تَقِيّ الدّين عمر إِلَى جبال نفوسه وَمَعَهُ طَائِفَة من الأتراك فَلَمَّا وصل إِلَى الْجبَال استصحب مَعَه مِنْهَا بعض الْمُتَقَدِّمين وَنزل على طرابلس الغرب فحاصرها ثمَّ فتحت فاستولى عَلَيْهَا قراقوش وسكنها وَكَثُرت عساكره
وفيهَا جهز السُّلْطَان شمس الدولة إِلَى برقة فافتتحها على يَد غُلَام لَهُ تركي
ثمَّ بلغ السُّلْطَان أَمر ابْن مهْدي الْخَارِج بِالْيمن وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من اختلال العقيدة فَجهز أَخَاهُ شمس الدولة فَافْتتحَ الْيمن وتملكها
ثمَّ سَار السُّلْطَان بِنَفسِهِ من مصر يُرِيد اقتلاع مَدِينَة الكرك من الفرنج وَبَدَأَ بهَا لقربها إِلَيْهِ وَكَانَ من الوهن فِي الْإِسْلَام وَالْعَظَمَة فِي الدّين اسْتِيلَاء الملاعين على الكرك وعَلى قلعة أَيْلَة فَإِنَّهُم يمْنَعُونَ الْحَاج وَأَشد من ذَلِك مَا يخْشَى على الْحَرَمَيْنِ الشريفين مِنْهُم إِذْ لم يكن بَينهم وَبَينهمَا حاجز غير لطف الله وقصدوهما مَرَّات ثمَّ يندفعون بِمَشِيئَة الله من غير دفاع من الْبشر وَكَانَت الكرك تزيد على قلعة أَيْلَة بِمَنْع القوافل السائرة بَين الشَّام ومصر فَإِنَّهَا كَانَت الدَّرْب وَأما غَزَّة والرملة وَمَا حواليهما فَكَانَ الفرنج لَا يمكنون مُسلما أَن يمر بهما فورد عَلَيْهِمَا وحاصرهما وَقَاتل الفرنج وَلم يفتحهما فِي هَذِه السّنة وَرجع إِلَى مصر
ثمَّ دخلت سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
قَالَ ابْن الْأَثِير جهز السُّلْطَان أَخَاهُ توران شاه إِلَى بِلَاد النّوبَة فَافْتتحَ مِنْهَا مَا شَاءَ الله فَلَمَّا عَاد جهزه إِلَى الْيمن بِقصد عبد النَّبِي صَاحب زبيد فطرده عَن الْيمن وَملك زبيد وَأسر عبد النَّبِي وَزَوجته الْحرَّة وَكَانَت صَالِحَة كَثِيرَة الصَّدَقَة وعذب عبد النَّبِي واستخرجت مِنْهُ أَمْوَاله
ثمَّ سَار توران شاه إِلَى عدن وملكها يَاسر فَأسر وَهزمَ