للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمن تَمام الْكَلَام فى ذَلِك أَن أهل الْقبْلَة متفقون على أَن الكرامات لَا تظهر على الفسقة الفجرة وَإِنَّمَا تظهر على المتمسكين بِطَاعَة الله عز وَجل

وَبِهَذَا لَاحَ أَن الطَّرِيق إِلَى معرفَة الْأَنْبِيَاء لَا ينسد فَإِن الولى بِتَوْفِيق الله تَعَالَى ينقاد للنبى إِذا ظَهرت المعجزة على يَدَيْهِ وَيَقُول معاشر النَّاس هَذَا نبى الله فأطيعوه

وَيكون أول منقاد لَهُ وَمُؤمن بِهِ

والقاضى أَبُو بكر وَإِن شَبَّبَ بِمَنْع هَذَا الْإِجْمَاع وَقَالَ لَو جوز مجوز ظُهُور بعض خوارق الْعَادَات على بعض الفسقة استدراجا لَكَانَ مذهبا كَمَا أَنه لَا يبعد ظُهُورهَا على الرهبان المتبتلين وَأَصْحَاب الصوامع على كفرهم فَهَذَا كَمَا قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِيهِ نظر ولسنا نثبت لراهب كَرَامَة وَلَا كيد وَلَا كَرَامَة وَمحل اسْتِيفَاء القَوْل على ذَلِك لَا يحْتَملهُ هَذَا الْمَكَان

وَالْحَاصِل أَن مَا يظْهر على يَد الرهبان لَيْسَ من الكرامات وَأما توقف القاضى فى الفسقة والفجرة فَأَنا مَعَه لَكِن لَا على الْإِطْلَاق بل أفصل فَأَقُول لَو ذهب ذَاهِب إِلَى تَجْوِيز ظُهُور الْكَرَامَة على يَد الْفَاسِق إنقاذا لَهُ مِمَّا هُوَ فِيهِ ثمَّ يَتُوب بعْدهَا وَيثبت لَا محَالة وينتقل إِلَى الْهدى بعد الضَّلَالَة لَكَانَ مذهبا وَيقرب مِنْهُ قصَّة أَصْحَاب الْكَهْف الَّتِى سنحكيها فقد كَانُوا عَبدة أصنام ثمَّ حصل لَهُم مَا حصل إرشادا وتبصرة ثمَّ مَا ذكره الْخُصُوم من حَدِيث اشْتِبَاه النبى بِغَيْرِهِ إِذا وَافَقت المعجزة الْكَرَامَة قد تبين الِانْفِصَال عَنهُ

وَأَنا أَقُول معَاذ الله أَن يتحدى نبى بكرامة تَكَرَّرت على يَد ولى بل لَا بُد أَن يأتى النبى بِمَا لَا يوقعه الله على يَد الولى وَإِن جَازَ وُقُوعه فَلَيْسَ كل جَائِز فى قضايا الْعُقُول وَاقعا وَلما كَانَت مرتبَة النبى أعلا وَأَرْفَع من مرتبَة الولى كَانَ الولى مَمْنُوعًا مِمَّا يأتى بِهِ النبى على وَجه الإعجاز والتحدى أدبا مَعَ النبى

ثمَّ أَقُول حَدِيث الِاشْتِبَاه والانسداد على بُطْلَانه إِنَّمَا يَقع الْبَحْث فِيهِ حَيْثُ لم تختم النُّبُوَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>