عاداتهم خلاف الْعَادَات فَلَو ظهر نبى فى زمنهم كَانَت عوائدهم فى انخراق العوائد فى أَحْوَالهم تصدهم عَن تَصْحِيح النّظر فى المعجزة
ثمَّ أخرجُوا الشُّبْهَة على وَجه آخر فَقَالُوا لَو جَازَ إظهارها على صَالح لجَاز إظهارها على صَالح آخر إِكْرَاما لَهُ وَهَكَذَا إِلَى عدد كثير إِذْ لَيْسَ اخْتِصَاص عدد مِنْهُم بذلك أولى من عدد آخر وَحِينَئِذٍ يصير عَادَة فَلَا يبْقى ظُهُورهَا دَلِيلا على النُّبُوَّة ويطوى بِسَاط النُّبُوَّة رَأْسا
وَجَمِيع مَا ذَكرُوهُ فى هَذِه الشُّبْهَة تمويه لَا حَاصِل تَحْتَهُ وَقَعْقَعَة لَا طائل فِيهَا ولأئمتنا فى ردهَا وَجْهَان
فَمن أَئِمَّتنَا من منع توالى الكرامات واستمرارها حَتَّى تصير فى حكم العوائد وخلص بِهَذَا الْمَنْع عَن إلزامهم بل امْتنع بعض الْمُحَقِّقين من تصور توالى المعجزات على الرُّسُل المتعاقبين إِذْ كَانَ يُؤدى إِلَى أَن تصير المعجزات مُعْتَادَة فَهَذِهِ طَريقَة فى الرَّد على هَذِه الشُّبْهَة حاصلها أَنا إِنَّمَا نجوز ظُهُور الكرامات على وَجه لَا يصير عَادَة فاستبان أَنه خَاص بشبهتهم هَذِه وَأَنَّهَا لم تقدح فى أصل الكرامات وَإِنَّمَا تَضَمَّنت منع كرورها والتحاقها بالمعتاد
وَمن أَئِمَّتنَا وهم الْمُعظم من جوز توالى الكرامات على وَجه الاختفاء بِحَيْثُ لَا تظهر وَلَا تشيع وَلَا تلتحق بالمعتاد لِئَلَّا تخرج الْكَرَامَة عَن كَونهَا كَرَامَة عِنْد عَامَّة الْخلق ثمَّ قَالُوا الْكَرَامَة وَإِن توالت على الولى حَتَّى ألفها واعتادها فَلَا يُخرجهُ ذَلِك عَن طَرِيق الرشاد وَوجه السداد فى النّظر إِذا لاحت المعجزة إِن وَافقه التَّوْفِيق وَإِن تعداه التَّوْفِيق سلب الطَّرِيق وَلم يكن بولى على التَّحْقِيق والمعجزة تتَمَيَّز عَمَّن تَكَرَّرت عَلَيْهِ الْكَرَامَة بالإظهار والإشاعة والتحدى وَدَعوى النُّبُوَّة فَإِذا تميزت الْكَرَامَة عَن المعجزة لم ينسد بَاب الطَّرِيق إِلَى معرفَة النبى