وَصَارَ رَأْسا فى الْعلم من أهل السّنة فى قديم الدَّهْر وَحَدِيثه وَبِذَلِك وعد سيدنَا الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمته فِيمَا روى عَنهُ أَبُو هُرَيْرَة أَنه قَالَ (يبْعَث الله لهَذِهِ الْأمة على رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا) ثمَّ سَاق حَدِيث الْأَشْعَرِيين وَإِشَارَة النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَبى مُوسَى وَقد قدمنَا ذَلِك إِلَى أَن قَالَ
وَحين كثرت المبتدعة فى هَذِه الْأمة وَتركُوا ظَاهر الْكتاب وَالسّنة وأنكروا مَا ورد أَنه من صِفَات الله تَعَالَى نَحْو الْحَيَاة وَالْقُدْرَة وَالْعلم والمشيئة والسمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام والبقاء وجحدوا مادلا عَلَيْهِ من الْمِعْرَاج وَعَذَاب الْقَبْر وَالْمِيزَان وَأَن الْجنَّة وَالنَّار مخلوقتان وَأَن أهل الْإِيمَان يخرجُون من النيرَان وَمَا لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحَوْض والشفاعة وَمَا لأهل الحنة من الرُّؤْيَة وَأَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة كَانُوا محقين فِيمَا قَامُوا بِهِ من الْولَايَة وَزَعَمُوا أَن شَيْئا من ذَلِك لَا يَسْتَقِيم على الْعقل وَلَا يَصح على الرأى أخرج الله من نسل أَبى مُوسَى الأشعرى رضى الله عَنهُ إِمَامًا قَامَ بنصرة دين الله وجاهد بِلِسَانِهِ وَبَيَانه من صد عَن سَبِيل الله وَزَاد فى التَّبْيِين لأهل الْيَقِين أَن مَا جَاءَ بِهِ الْكتاب وَالسّنة وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سلف هَذِه الْأمة مُسْتَقِيم على الْعُقُول الصَّحِيحَة
إِلَى أَن قَالَ بعد ذكر حَدِيث عمرَان بن الْحصين الذى قدمْنَاهُ فَمن تَأمل هَذِه الْأَحَادِيث وَعرف مَذْهَب شَيخنَا أَبى الْحسن فى علم الْأُصُول وَعرف تبحره فِيهِ أبْصر صنع الله عزت قدرته فى تَقْدِيم هَذَا الأَصْل الشريف لما ذخر لِعِبَادِهِ من هَذَا الْفَرْع المنيف الذى أَحْيَا بِهِ السّنة وأمات بِهِ الْبِدْعَة وَجعله خلف حق لسلف صدق